علم البيان
المقالة مقدمة لمادة علوم اللغة العربية في قسم تعليـم اللغـة العربيـة
لطالب : محمد أحسن الدين
رقم التسجيل : 13740017
مقدمة
علم البلاغة هو علم تعرف به كيفية تركيب الكلمة المطابقة للكلام الفصيح لمقتضى الحال و ينقسم علم البلاغة إلى علم المعاني و علم البيان و علم البديع.
علم البيان من أجزاء علم البلاغة. يتركز علم البيان في إبراز المعنى الواحد في صوار مختلفة و تراكب متفاوفة في وضوح الدلالة مع مطابقة كل منها مقتضى الحال.[1]
غرض المعنى من الكلمة في غير معنى الكلمة الحقيقة تكون لسبب تكوين العبارة المختلفة مثل قول المتكلم : علي كالأسد, كان الغرض أن يبين حال علي أنه متصف بقوة البطش و شدة المراسم و عظيم الشجاعة.
علم البيان من أهمية علم البلاغة لأن به يفهم مراد غرض المعنى من الكلمة الصادرة التي لها معاني من التشبيه و المجاز و الإستعارة و غيرها. و لذلك لمن أراد أن يفهم معنى من معاني ألفاظ القرأن تمام الفهم يجب عليه استعاب هذا الفن لأن في القران ألفاظ لها معاني غير الحقيقة من التشبيه و المجاز و الإستعارة و غيرها.
قال عبدالقاهر الجرجاني : “ثم انّك لا ترى علما هو أرسخ أصلا ، وأبسق فرعا ، وأحلى جنى ، وأعذب وردا ، وأكرم نتاجا ، وأنور سراجا من علم البيان الذي لولاه لم تر لسانا يحوك الوشي ، ويصوغ الحلي ، ويلفظ الدر ، وينفث السحر ، ويقري الشهد ، ويريك بدائع من الزهر ، ويجنيك اليانع من الثمر ، والذي لولا تحفّيه بالعلوم وعنايته بها ، وتصويره اياها لبقيت كامنة مستورة ، ولما استبنت لها يد الدهر صورة ، ولاستمر السرار بأهلها ، واستولى الخفاء على جملتها ، الى فوائد لا يدركها الاحصاء ، ومحاسن لا يحصرها الاستقصاء ” .
فالبيان يعدّ العمود الفقري لعلوم الاجب العربي وفنون اللغة العربية . والبيان ، أو دراسة الفن الادبي ينبغي أن يساير كلّ نشاط فكري ، لأثره البعيد في اللغة العربية ، اذ هو يشرح محاسنها وصنوف التعبير بها ، ويجلّي أساليبها المختلفة ، وفضل التعبير بكلّ أسلوب منها ، ويفسّر الملامح الجمالية التي تبدو في قصيدة الشاعر أو خطبة الخطيب أو رسالة الكاتب أو مقالة المتكلم .
وتتجلّى أهمية البيان في ميادينه تلك : انّ اجادة تحقيق قوانينه وابداع مهارته وفهم ثماره أمور تقتضي توفر آلات وأدوات, ذكر منها ابن الأثير في” المثل السائر” : معرفة علم العربية من النحو والصرف ، ومعرفة ما يحتاج اليه من اللغة ، وهو المتداول المألوف استعماله في فصيح الكلام غير الوحشي والغريب ، ومعرفة أمثال العرب وأيامها ، والاطلاع على تآليف من تقدّم من أرباب هذه الصناعة المنظوم منه والمنثور ، وحفظ القرآن الكريم والاحاديث النبية الشريفة ، ومعرفة علم العروض والقوافي .فبناء على ذلك تصدر الأسئلة فيما يلي :
- ما تعريف علم البيان ؟
- ما المباحث في علم البيان ؟
- كيف طريقة تعليم علم البيان
معلومات نظرية
أ. مفهوم علم البيان
البيان لغة : الكشف و الإيضاح.
قال الله تعالى : مَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.[2]
يعني إيضاح معنى الكلمة بالأساليب المواصلة إلى مراد المعنى , منها التشبيه و الإيجاز و غيرها بالعبارة المطابقة لمقتضى الحال.
إصطلاحا هو علم يعرف به ايراد المعنى الواحد المدلول عليه بكلام مطابق لمقتضى الحال بطرق مختلفة فى ايضاح الدلالة عليه.[3]
إيضاح هذا التعريف, أنه إذا حاول التعبير عما يختلج في صدره من المعاني وجد السبيل ممهدا فيختار ما هو أليق بمقصده و أشبه بمطلبه من فنون القول و أسالب الكلام
موضوعه : اللفظ العربي, من حيث التفاوت في وضوح الدلالة بعد رعاية مطابقته مقتضى الحال.
واضعه : أول من دون مسائل هذا العلم أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه “مجاز القران” و تبعه الجاحظ و ابن المعتز و قدامة بن جعفر و أبو هلال العسكري و ما زال يشد شيئا فشيئا حتى جاء الإمام عبد القاهر فأحكم أساسه و شيد بناءه.
ب.مباحث علم البيان
مباحث علم البيان محصورة في المجاز على أنحائه أي أنه بمعني أعم يشمل الكناية و أن التشبيه إنما ذكر فيه لبناء الإستعارة عليه
- التشبيه تعريفه و مباحثه
التشبيه لغة : التمثيل
إصطلاحا هو إلحاق امر بامر بادة التشبيه لجامع بينهما للغرض المراد من المتكلم[4]
أركان التشبيه أربعة
– المشبه
– المشبه به و سميا بـــ “طرفي التشبيه”
– أداة التشبيه مثل الكاف و نحوها ملفوظة أو مقدرة و هي حرف أو كلمة تدل على وجود التشبه بين المشبة و المشبة به في الصفة[5]
– وجه الشبه و هو الصفة أو الصفات الجامعة بين الطرفين
مثال يوضح به : علي كالأسد في الجراءة و هو علي ( المشبه) و حرف الكاف ( أداة التشبيه) و الأسد (المشبه به) و في الجراءة ( وجه الشبه ).
المثال من القران الكريم قوله بعالى : وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ[6]
أنواع التشبيه: مفرد و مركب
التشبيه المفرد : وهو تشبيه لفظ بلفظ .
أنواع التشبيه المفرد
- تشبيه مُفَصَّل : هو عندما نذكر الأركان الأربعة ,
مثل العلم كـالنور يهدي كل من طلبه
- تشبيه مُجْمَل : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه ، أو أداة التشبيه.
مثل العلم كـالنور (حُذِف وجه الشبه )
و العلم نور يهدي كل من طلبه . (حُذِفت أداة التشبيه )
- تشبيه بليغ : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه و الأداة ، وبقي الطرفان الأساسيان المشبه و المشبه به .مثل : الجهل موت والعلم حياة .
الصور التي يأتي عليها التشبيه البليغ :
أ. المبتدأ والخبر
مثل : الحياة التي نعيشها كتاب مفتوح للأذكياء .
ب. المفعول المطلق :
مثل : تحلق طائراتنا في الجو تحليق النسور – مشى الجندي مشى الأسد
ت. المضاف(المشبه به) والمضاف إليه(المشبه)
مثل : كتاب الحياة – ذهب الأصيل على لُجَين الماء الأصيل (وقت الغروب ) و اللجين (الفضة) أي الأصيل كالذهب والماء كاللجين
ث. الحال وصاحبهـامثل :هجم الجندي على العدو أسداً .
ج. اسم إن وخبرها
مثل : إنك شمس
أنواع التشبيه المركب :
- تشبيه تمثيلي :
هو تشبيه صورة بصورة ووجه الشبه فيه صورة منتزعة من أشياء متعددة .
مثل : قول الله تعالى : مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ (البقرة: 261) .
شبه الله سبحانه وتعالى هيئة الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ابتغاء مرضاته ويعطفون على الفقراء و المساكين بهيئة الحبة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والله سبحانه وتعالى يضاعف لمن يشاء .
و كقول علي الجارم في العروبة :
توحّد حتى صار قلباً تحوطه قلوب من العُرْب الكرام وأضلع
شبه هيئة الشرق المتحد في الجامعة العربية يحيط به حب العرب وتأييدهم بهيئة القلب الذي تحيط به الضلوع .
قال تعالى في شأنِ اليهود : مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً … (الجمعة:5).
حيث شبهت الآية حالة وهيئة اليهود الذين حُمَّلوا بالتوراة ثم لم يقوموا بها ولم يعملوا بما فيها بحالة الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفاراً (كتباً)، فهي بالنسبة إليه لا تعدو(لا تتجاوز) كونها ثقلاً يحمله .
- تشبيه ضمني :
وهو تشبيه خفي لا يأتي على الصورة المعهودة ولايُصَرح فيه بالمشبه و المشبه به ، بل يُفْهم ويُلْمح فيه التشبيه من مضمون الكلام ، ولذلك سُمّي بالتشبيه الضمني ، وغالباً ما يكون المشبه قضية أو ادعاء يحتاج للدليل أو البرهان ، ويكون المشبه به هو الدليل أو البرهان على صحة المعنى .
باختصار التشبيه الضمني قضية وهي (المشبه) ، والدليل على صحتها (المشبه به) .
مثل : قال المتنبي في الحكمة :
من يهُن يسهُل الهوان عليه مـا لجُـرحٍ بميّت إيـلامُ
ما سبق نلمح فيه التشبيه ولكنه تشبيه على غير المتعارف ، فهو يشبه الشخص الذي يقبل الذل دائماً ، وتهون عليه كرامته ، ولا يتألم لما يمسها ، بمثل حال الميت فلو جئت بسكين ورحت تقطع أجزاء من جسده ما تألم ولا صرخ ولا شكى ولا بكى ؛ لأنه فقد أحاسيس الحياة ، وبذلك يكون الشطر الثاني تشبيهاً ضمنياً ؛ لأنه جاء برهاناً ودليلاً على صحة مقولته في الشطر الأول.
قال ابن الرومي :
قَدْ يَشِيب الْفَتَى وَلَيْسَ عجيباً أَنْ يُرَى النَّورُ فِى الْقَضِيبِ الرَّطيبِ (النور : الزهر الأبيض- القضيب : الغصن)
يقول الشاعر : إن الشاب الصغير قد يشيب قبل أوان الشيب ، وهذا ليس بالأمر العجيب، وليدلل على صحة مقولته أتى لنا بالدليل و هو أن الغصن الغض الصغير الذي مازال ينمو قد يظهر فيه الزهر الأبيض، فهو لم يأْت بتشبيه صريح ولم يقل : إن الفتى وقد وخطه الشيب كالغصن الرطيب حين إزهاره ، ولكنه أتى بذلك ضمناً .
ملحوظة : التشبيه الضمني لا تذكر فيه أداة التشبيه أبداً ، بينما التشبيه التمثيلي غالباً تذكر فيه أداة التشبيه مثل سر جمال التشبيه: (التوضيح أو التشخيص أو التجسيم) .
- المجاز تعريفه و مباحثه
إصطلاحا هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الساب
المجاز نوعان : عقلي و لغوي
المجاز العقلي يكون في الاسناد, اي في اسناد الفعل او ما في معناه الى غير ما هوله [7]مثاله : بنى الوزير القصر
المجاز الغوي هو كلمة استعملت في غير ما وضعت له لعلاقة مع قرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي.
و ينقسم المجاز اللغوي إلى قسمين و هو الاستعارة و المجاز المرسل :
- الإستعارة هي مجاز علاقته المشابهة
أسلوب الإستعارة يتولد من أسلوب التشبيه لعلاقة المشابهة بين المستعار له و المستعار منه و هي أعلى العبارات في التشبيه.[8]
أركان الاستعارة عند البلاغيين ثلاثة :
- المستعار له
- المستعار منه
- و المستعار
مثل قوله تعالى :كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. (إبراهيم :1)
كلمة الظلمات و النور لفظان مجازيان وهي الضلالة و الهدى. كلمة النور تستعار من من كلمة الهدى لعلاقة بينهما في بيان الرسالة النبوية و في بيان إذهاب الشكوك على حقيقة الرسالة لدي النبي. إذا معنى النور هو مجيء النبي صلى الله عليه و سلم.
- المجاز المرسل
هو مجاز المرسال هو مجاز تكون علاقة بين المعنى الحقيقة و المجازى قائمة غير المشابهة. مثال قوله تعالى : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ
- الكناية
لغة هو مصدر من كلمة فعل : كنى – يكني – كناية أو كنا – يكنو – كناية بمعنى بيان الشيء بالشيء أخر
اصطلاحا هو لفظ أطلق و أريد به لازم معنه مع جواز إرادة المعنى الآصلى.[9] مثل : نزلنا على رجل كثير الرماد.
المراد من كلمة كثير الرمد ليس معنى الحقيقي لأن فيها كناية و هو من كان له كثير الرمد يدل على أنه يطبخ الطعام كثيرا و من كان كثير الطبخ يدل أنه يضيف الضيوف كثيرا و من كان له ضيوف كثيرون فهو رجل سخي, إذا المعنى المراد من كلمة كثير الرماد هو رجل سخي لملازمة معناه.
الفرق بين الكناية و المجاز هو أن الأولى لايمتنع معها إرادة المعنى الأصلي فيسوغ في المثال المتقدم أن تريد أنه رجل له رماد كثيرة حقيقة, ولكن قد تمتنع إرادة المعنى الأصلي فيها أحيانا لخصوص الموضوع نحو قوله تعالى في القران الكريم : “الرحمن على العرش استوى”. كناية على الاستلاء و الملك.
أما قرينة المجاز فتمتنع من إرادة المعنى الأصلي, فلا يسوغ إرادة الأسد المفترس في قولك رأيت أسدا في الميدان يضرب يمينا و شمالا.[10]
ج. طريقة تدريس علم البيان
ليقتصر المدرس على تفهيم الطلبة القواعد و الأساليب في علم البيان بل الأهم من ذلك هو محاولة إنشاء ذوق الطلبة عن الأدب العربي لديهم لأن بحث هذا العلم هو الكلمة البديعة التي لها معاني متعددة. و أما ذوق العربي يستخدم المدرس في إنشاءه بطريقة المناقسة أو الألعاب اللغوية أو تحليل النشر و الشعر العربي أو غيرها حتى يكون الطلا بة نشيطين في فعالية تعليمية و لا يستلمون الشرح من المدرس ساكتين.[11]
ملخص نتائج الدراسة
- لبيان لغة : الكشف و الإيضاح و إصطلاحا هو علم يعرف به ايراد المعنى الواحد المدلول عليه بكلام مطابق لمقتضى الحال بطرق مختلفة فى ايضاح الدلالة عليه.
- علماء البلاغة ( البلاغيون ) يتفقون على أن بحث علم البيان يحيط على التشبيه و المجاز و الكناية
- إنشاء ذوق الأدب العربي لدي الطلبة من أهمية أنشطة تعليم علم البيان لأن المبحث فيه هو الكلمة البديعة التي لها معاني متعدد مطابقة لمقتضى الحال
المراجع
- علوم البلاغة البيان و المعاني و البديع, أحمد مصطفى المراغي (بيروت – لبنان 1971 م)
- البلاغة للجميع, د.هداية ( جاكرتا: Toha Putra , 2002)
- جواهر البلاغة في المعاني و البيان و البديع, أحمد الهاشمي ( دارإحياء الكتب العربية, 1960)
- علم البيان, عبد العزيز عتيق (بيرزت – دار النهضة العربية: 1985)
- البلاغة العربية في ثوبها الجديد البيان, جز 2 (بيروت – دار العلمي : 1995)
- البلاغة العربية في ثوبها الجديد, أبو هيلال العشكري (بيروت- دار العلمي: 1996)
- حسن الصياغة, محمد ياسين بن عيسى الفادغي ( جاكرتا: البركة, 2007 )
- Mardjoko Idris, lmu balaghah antara al bayan dan al badi’, (Yogyakarta:Teras, 2007)
- HS. Mastna, Problematika Pengajaran Bahasa Arab di Indonesia.. Makalah disajikan pada Pertemuan Ilmiah Nasional Bahasa Arab (PINBA I). (Malang, 24 Sep 1999)
الفهرس
مقدمة 1
معلومات نظرية 3
أ. مفهوم علم البيان 3
ب. مباحث علم البيان 4
- التشبيه تعريفه و مباحثه 4
- المجاز تعريفه و مباحثه 8
- الكناية تعريفها و مباحثها 9
ج. طريقة تدريس علم البيان 11
ملخص نتائج الدراسة 12
المراجع 13
الفهرس 14
[4] . أحمد الهاشمي, جواهر البلاغة في المعاني و البيان و البديع, ( دارإحياء الكتب العربية, 1960) ص 246
[5] . ilmu balaghah antara al bayan dan al badi’, Mardjoko Idris (Yogyakarta:Teras, 2007) hal. 13