نحو سياسة وطنية جديدة للغة العربية في جمهورية إندونيسيا
نحو سياسة وطنية جديدة للغة العربية
في جمهورية إندونيسيا
AHMAD FUAD EFFENDY
1- مقدمة
2- مكانة اللغة العربية في بناء الحضارة الإندونيسية عبر العصور
3- سياسة وطنية للغات ماضيا وحاليا.
4- مكانة اللغة العربية في العالم وفي إندونيسيا حاليا
5- مقترح سياسة وطنية للغة العربية في الوقت الحاضر
6- خاتمة
نحو سياسة وطنية جديدة للغة العربية
في جمهورية إندونيسيا
ملخص البحث
يرجع تاريخ اللغة العربية في إندونيسيا إلى أكثر من ثلاثة عشر قرنا. وفي خلال هذه القرون الطويلة عايشت العربية ضروبا من التقدم والتأخر في دورها ومكانتها وتعليمها بين الشعب الإندونسي المسلم وفقا لسنن الحياة وحسب الظروف السياسسية التي لاقتها. ولقد كانت للغة العربية في الماضي القريب مكانة مرموقة بين الشعب الإندونيسي بحيث أصبحت وسيلة للتعبير الثقافي عند كثير من القبائل. كما أسهمت في تكوين وتطوير اللغة الإندونيسية بصفة خاصة والثقافة الإندونيسية بصفة عامة منذ أول نشأتهما.
غير أن الحكومة الاستعمارية الهولندية قد غيرت كل شئ. إذ قررت منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي استخدام الحروف اللاتينية بدلا من الحروف العربية — في كتابة اللغة الإندونيسية — كما أجبرت تعليم اللغة الهولندية في المدارس الإندونيسية. ومنذ ذلك الحين تضاءل شأن الحروف العربية وأصبح موقف اللغة العربية هامشيا ولا تدرس إلا في المعاهد التربوية الإسلامية ولأغراض دينية فحسب. ولا يزال يستمر هذا الوضع الهامشي للغة العربية إلى عصر ما بعد الاستقلال بل إلى يومنا هذا. ويمكن أن نرى ذلك من خلال السياسة الوطنية للغات التي صدر عن وزارة التربية والثقافة وفي المناهج الدراسيىة للمدارس الرسميه التابعة لوزارة التربية ووزارة الشؤون الدينية.
هناك وثيقتان للسياسة الوطنية للغات، أولاهما صدرت عام 1975 وتانيتهما صدرت عام 1999. يتضمن كل من الوثيقتين بيانا عن أنواع اللغات في إندونيسيا، موقف كل لغة ووظائفها، وتعليمها في المدارس والجامعات. ومن أعجب العجائب في الوثيقة عام 1975 أن اللغة العربية لا تذكر ملفوظة (صريحة) بين اللغات الأجنبية، مع أنها بلا شك أقدم لغة أجنبية دخولا أرض الأرخبيل الإندونيسي، ألى جانب أن اللغة العربية قد نالت إقبالا عظيما من الشعب الإندونيسي المسلم تعلما ودراسة أكثر من ما ناله أي لغة أجنبية أخري. وعلى هذا الوضع التهكمي للغة العربية، بادر اتحاد مدرسي اللغة العربية شهرا بعد إنشائه (25 سبتمبر 1999 م) بإرسال رسالة أكاديمية إلى مجمع (مركز تطوير) اللغات بوزارة التربية والثقافة. لأن المجمع سيقوم بإعادة النظر وتعديل السياسة الوطنية للغات عام 1975 بعقد ندوة علمية وطنية في شهر نوفمبر 1999 م. تضمنت الرسالة على بيان شامل حول حقائق اللغة العربية في إندونيسيا في الماضي والحاضر وآفاقها المستقبلية، كما طالبت بوضعها في موقف لائق بها في السياسة الوطنية للغات. وقد تم إصدار وثيقة جديدة في نفس الشهر والعام بحيث حددت موقف اللغة العربية لغة أجنبية ثانية بعد الإنجليزية، وقررت تعليمها إجباريا في المدارس الدينية والعامة الإسلامية و اختيارية في المدارس العامة الحكومية والأهلية.
وبعد مرور خمسة عشر سنة من إنشاء الاتحاد وإصدار السياسة الوطنية للغات: وبالنظر إلى ما حدث من تطورات في دور اللغة العربية ومكانتها في شتى المجالات، على المستوى القومي والعالمي: وما نراه من تجديدات في تعليم اللغة العربية ونتائجها الباهرة الملموسة في أنحاء البلاد بفضل نشاطات اتحاد المدرسين وأقسام تعليم اللغة اللغة العربية وأقسام الأدب العربي في شتى الجامعات في أرجاء البلاد التي يبلغ عددها زهاء مئة جامعة: ومبررات أخري نفصلها فيما بعد، نرى لزاما أن نطالب بترقية موقف اللغة العربية في السياسة الوطنية كلغة أجنبية موازية للغة الإنجليزية كما نطالب تعليمها إجباريا في المدارس العامة من المرحلة الإعدادية (المتوسطة).