Home / Artikel Ilmiah / علم المعاجم وتعليمه للمرحلة المتوسطة والثانوية

علم المعاجم وتعليمه للمرحلة المتوسطة والثانوية

علم المعاجم وتعليمه للمرحلة المتوسطة والثانوية

ورقة بحثية في مادة الدراسة الذاتية

تحت إشراف:

الدكتور شهداء صالح الماجستير

 

فكرية محي الدين

رقم التسجيل: 15741002

 

 قسم الدكتورة في تعليم اللغة العربية

كلية الدراسات العليا

جامعة مولانا مالك إبراهيم الإسلامية الحكومية مالانج

2016

 

المقدمة

المعاجم هي مراجع لا غنى عنها لكل مثقف أو باحث، يحتاج إليها المبتدئ، والباحث العلم على السواء. هناك المعاجم الصغيرة التي تقتصر على جزء واحد، والكبيرة التي تصل إلى عشرين مجلداً.

لقد عرف العرب التأليف في المعجم أول ما عرفوه في القرن الثاني للهجرة بوضع الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت. 175ه) معجمه الشهير (كتاب العين). ولقد نشطت حركة التأليف المعجمي بعد الخليل مباشرة، وخاصة في أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث، فوضعت مؤلفات معجمية كثيرة.[1]

من استعمالات العصر الحديث إطلاق اسم (القاموس) على أي معجم سواء كان باللغة العربية، أو بأي لغة أجنبية، أو مزدوج اللغة. وكلمة القاموس كانت تعني البحر وماء البحر، لكن دلالة الكلمة تغيرت مع كثرة تداول هذا المعجم المعروف باسم (القاموس) فأصبحت بدلالتها الجديدة مرادفة للمعجم.

إن دارس اللغة بحاجة ماسة إلى استخدام المعجم اللغوي ذلك لأن قدرته على استيعاب المفردات محدودة بمجال ثقافته، إذ قد تعرض للدارس بعض النصوص التي بها بعض الكلمات التي لا تكون قد دخلت في مجال معرفته من قبل.

ومن هنا رأت الباحثة إلى أهمية علم المعاجم وتعليمه إلى الطلبة، لأن فيه الثروة اللغوية، ولكل معجم له منهج خاص. فقد كتبت الباحثة عن تعريف المعاجم، وكيف نشأته، وأسباب في تأليفه وفوائده، وأنواع المعاجم، ووظائف المعاجم.

تنطلق هذه الدراسة من الأسئلة التالي:

  1. ما هي المعاجم؟
  2. كيف نشأة المعاجم؟
  3. ما هي وظائف المعاجم؟
  4. ما أنواع المعاجم؟
  5. كيف تعليم المعاجم أو المفردات؟

 

 

المعلومات النظرية

1-            اشتقاق كلمة معجم وتعريفه

يقول كتاب العين في مادة عجم : العجم ضد العرب. ورجل أعجمي: ليس بعربي، وامرأة عجماء بينة العجمة. والعجماء كل دابة أو بهيمة، والأعجم كل كلام ليس بلغة عربية، والمعجم حروف الهجاء المقطعة، لأنها أعجمية. وتعجيم الكتاب يعني تنقيطه كي تستقيم عجمته ويصح. وهنا يقول ابن جني: ثم إنهم قالوا أعجمت الكتاب إذا بينته وأوضحته، فهو إذا لسلب معنى[2]. وسمي العرب بلاد فارس بلاد العجم لأن لغتها لم تكن واضحة ولا مفهومة عندهم.

فإذا أدخلنا الهمزة على الفعل (عجم) اكتسب الفعل معنى جديداً من معنى الهمزة (أو الصيغة) الذي يفيد معنى السلب والنفي والإزالة. ومثل (قسط) و (أقسط) حيث تفيد الأولى (ظلم) والثانية (عدل) أو (أزال الظلم). ولهذا ذم الله القاسطين (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً) ومدح المقسطين (إن الله يحب المقسطين).[3] وعلى هذا يصير معنى أعجم : أزال العجمة أو الغموض أو الإبهام.

وقد فهم من هذا أن لفظ (معجم) يعد اسم مفعول من الفعل (أعجم) ويحتمل من ناحية أخرى أن يكون مصدراً ميمياً من نفس الفعل، ويكون معناه الإعجام أو إزالة العجمة والغموض.[4]

ومن هنا أيضاً جاء لفظ (المعجم) بمعنى الكتاب الذي يجمع كلمات لغة ما ويشرحها ويوضح معناها ويرتبها بشكل معين. وتكون تسمية هذا النوع من الكتب معجماً إما لأنه مرتب على حروف المعجم (الحروف الهجائية)، وإما لأنه قد أزيل أي إبهام أو غموض منه، فهو معجم بمعنى مزال ما فيه من غموض أو إبهام.

تعريف المعجم

        عرف اللغويون المعجم بأنه كتاب يضم بين دفيته مفردات لغة ما ومعانيها واستعمالاتها في التراكيب المختلفة، وكيفية نطقها، وكتابتها، مع ترتيب هذه المفردات بصورة من صور الترتيب التي غالباً ما تكون الترتيب الهجائي. وعرفه المعجم الوسيط بأنه ديوان لمفردات اللغة مرتب على حروف المعجم.[5]

        يشيع هذان المصطلحان Lexicology, Lexicography في اللغة الإنجليزية في مجال الحديث عن دراسة الألفاظ وترتيبها في نسق معين. ويشيع معهما كذلك المصطلح Dictionary، ويقل عنه في الاستخدام الآن المصطلح Lexicon. وإذا كان معنى المصطلحين الأخيرين محدداً إلى درجة كبيرة، ومن الممكن ترجمة أيهما إلى المقابل العربي (معجم)، فإن المصطلحين الأولين متداخلان في أذهان كثيرين، وغير واضحي الدلالة في أذهان آخرين، بالإضافة إلى أنهما قد أثارا جدلا كبيرا حول المقابل العربي لكل منهما.

        من استعمالات العصر الحديث إطلاق اسم (القاموس) على أي معجم سواء كان باللغة العربية، أو بأي لغة أجنبية، أو مزدوج اللغة. ولفظ (القاموس) في اللغة هو قعر البحر، أو وسطه، أو معظمه. قال أبو عبيد: القاموس أبعد موضع غوراً في البحر ومرجع هذا المعنى الذي ألصق بلفظ (القاموس) أن عالماً من علماء القرن الثامن، واسمه (الفيروز آبادي) ألف معجماً سماه (القاموس المحيط). وهذا وصف للمعجم بأنه بحر واسع أو عميق. كما نسمى بعض كتبنا: الشامل، أو الكامل، أو الوافي، أو نحو ذلك.[6]

وقد شاع استخدام القاموس المحيط لصغر حجمه ووضوح شرحه وكثرة مادته، فأصبح اسمه القاموس علماً على ذلك الضرب من الكتب المرجعية، وكلمة القاموس كانت تعني البحر وماء البحر، لكن دلالة الكلمة تغيرت مع كثرة تداول هذا المعجم المعروف باسم (القاموس) فأصبحت بدلالتها الجديدة مرادفة للمعجم.[7]

        فإنه لما اشتهر هذا الكتاب وكثر تداوله، اكتفى الناس باسم القاموس، وأصبح مرادفاً عندهم لكلمة (معجم لغوي). وقد أقرهم مجمع اللغة العربية على ما ألفوه، وعد كلمتى المعجم والقاموس تعينان شيئاً واحداً وهو المعجم اللغوي.[8]

2-            أسباب تأليف المعاجم وفوائده

  1. العناية بفهم آيات القرآن الكريم، حيث أن تفسر مفرداته يعين على معرفة معنى آياته.
  2. تفسير الألفاظ الغريبة الواردة في الأحاديث.
  3. معرفة المراد بألفاظ بعض الفقهاء في المتون، وربطها بالتعريفات الاصطلاحية عندهم.
  4. تدوين اللغة العربية خشية ضياع شيئ من مفرداتها لا سيما في حياة فصائحها، والمحافظة عليها من دخول ما ليس من مفرداتها.
  5. ضبط الكلمات المعضلة بالشكل، ومعرفة نطقها الصحيح.
  6. بيان اشتقاقات الكلمة وتصريفاتها وجموعها ومصادرها ونحو ذلك.
  7. تحديد أماكن بعض الموقع الجغرافية، والمدن التاريخية.
  8. اكتساب ثروة لغوية كبرى، لا سيما عند تعدد مدلولات الكلمة واختلاف معانيها بحسب سياقها. وذلك دليل على سعة وشمول اللغة العربية، وأنها لغة حية ولود معطاء لديها القدرة على تلبية مطالب الحياة الحضارية.[9]

 

3-            تطور المعاجم

        بدأت صناعة المعاجم منذ عهد سحيق على يد الهنود واليونانيين والمصريين القدماء والصينيين، ثم نمت في العصر الوسيط على أيدي العرب، ومنهم استفاد العبرانيون، وقد انبثقت فكرة المعجم الشامل في أذهان اللغويين العرب منذ وقت مبكر لا يتجاوز منتصف القرن الثاني الهجري حينما ألف الخليل بن أحمد (100-175ه) معجمه الشهر (العين) بطريقة إحصائية قامت على جملة من الأسس منها، حجم الكلمة والترتيب الصوتي وغيرها. ثم تتابعت المعاجم في القرون الثلاثة التالية، فرتبت إما بحسب الألفاظ، أو بحسب المعاني، ورتبت معاجم الألفاظ إما بحسب الترتيب الصوتي، أو الألفبائي، أو بحسب الأبنية (الأوزان)، ورتبت المعاجم الألفبائية إما بحسب الأوائل، أو الأواخر.

        ومع تتابع المعاجم في اللغة العربية، واستمرارها حتى العصر الحديث، فأنت لا تكاد تجد تكراراً بينها ولا يكاد يغني واحد منها عن الآخر. فإ  ذا أراد الباحث الوقوف على خصائص التجمعات الصوتية، وصور تشكيل الكلمات، والتجمعات الصوتية المسموحة والممنوعة فعليه أن يرجع إلى معاجم الترتيب الصوتي، وإذا أراد معجماً شاملاً تفصيلياً كان عليه أن يرجع إلى تهذيب اللغة أو اللسان، أو تاج العروس. وإذا أراد الوقوف على خصائص الأوزان كان عليه الرجوع إلى معاجم الأبنية. وإذا أراد ربط المعاني الجزئية بمعنى عام يجمعها كان على الرجوع إلى المقاييس. وإذا أراد التفرقة بين المعاني الحقيقية والمجازية كان عليه الرجوع إلى أساس البلاغة للزمخشري. وإذا كان يدور في ذهنه مفهوم معين ويريد أن يعرف ألفاظه ومصطلحاته كان عليه الرجوع إلى معاجم الموضوعات. وإذا كان يريد الباحث عن بعض الألفاظ أو المصطلحات الفقهية كان عليه الرجوع إلى المصباح المنير للفيومي. وإذا كان يريد الاستيثاق من صحة اللفظ المستحدث أو المولد كان عليه الرجوع إلى المعجم الوسيط. وإذا كان يريد أن يضع يده على المصاحبات المتكررة للفظ، وما يرد فيه من تعبيرات اصطلاحية أو سياقية كان عليه الرجوع إلى المعجم العربي السياسي.[10]

وظيفة المعجم

        هناك مجموعة من الوظائف يجب أن يؤديها المعجم، وهي:[11]

  1. شرح الكلمات وبيان معناها أو معانيها، إما في العصر الحديث فقط أو مع تتبع معناها أو معانيها عبر العصور. يقع المعنى في بؤرة اهتمام المعجمي، لأنه يعد أهم مطلب لمستعمل المعجم كما كشفت الاستطلاعات المتعددة التي أجريت حول وظائف المعجم.[12]
  2. بيان كيفية نطق الكلمة. من الوظائف الهامة التي يؤديها المعجم بيان نطق الكلمة أو صور نطقها مع التمييز بين النطق المعياري والهجائي. وتتبع المعاجم الانجليزية (التي كثيراً ما تختلف طريقة كتابتها عن طريقة نطقها) طريقة معينة في تحديد النطق، وهي إعادة الكلمة الأولى في المدخل برموز صوتية أو بنظام ترميزي دقيق لبيان أدق التفصيلات النطقية.
  3. بيان كيفية كتابة الكلمة.

ربما كان بيان الهجاء أو طريقة رسم الكلمة أكثر أهمية في لغة مثل الإنجليزية عنه في لغة مثل العربية. ويرجع السبب في ذلك إلى أن كثيراً من الكلمات الإنجليزية يختلف رسمها في الهجاء الأمريكي عنه في الهجاء الإنجليزي.

أما في اللغة العربية فيغلب في كتابتها مطابقة الهجاء للنطق، وربما لا يحتاج المرء إلى استشارة المعجم إلا في أنواع من الكلمات مثل:

1)   الكلمات التي يراد فيها حرف مثل مائة، وأولو، وإن كانت كلمة مائة تكتب الآن بالألف وبدونها.

2)   الكلمات التي ينقص فيها حرف مثل هذا، وذلك، والسموات، والرحمن، وإن كانت توجد دعوات الآن لكتابتها ما تنطق.

3)   الكلمات المنتهية بألف مقصورة ثالثة مثل الصدى والربا ونحوها مما يقتضي رد الألف إلى الياء أو الواو لمعرفة كتابتها. ويتميز القاموس المحيط على غيره من المعاجم في ذلك حيث يحرص في باب الواو والياء على أن يبدأ المادة ببيان أصلها الواو أو الياء.

  1. تحديد الوظيفة الصرفية للكلمة.

تحرص المعاجم على إعطاء بعض المعلومات النحوية والصرفية عن كلمات المداخل بالقدر الذي يحتاجه مستعمل المعجم غير المتخصص. وتقتصر معاجم الطلاب والمتعلمين على المعلومات الضرورية ذات الطبيعة العملية، والتي يساعد على فهم المعنى، ومن تلك المعلومات الضرورية:

1)   بيان التنوعات الشكلية للكلمة وبخاصة في لغة اشتقاقية كالعربية، مع بيان معاني الصيغ حين يكون لوزن الكلمة تأثير في تحديد معناها.

2)   وتحرص المعاجم العربية على ذكر تصريف الفعل الثلاثي المجرد مع ضبط عينه في كل من الماضي والمضارع، نظرا لعدم قياسه هذا النوع من الأفعال من ناحية، وصعوبة ضبطه من ناحية أخرى.

3)   كما تحرص المعاجم العربية على ذكر الجنس الذي ينتمي إليه اللفظ مثل: الرأس (مذكر) ج أرؤس ورؤوس، وسبيل (يذكر ويؤنث) ج سبيل.

  1. بيان درجة اللفظ في الاستعمال، ومستواه في سلم التنوعات اللهجية.

هناك تنوعات كثيرة، ومستويات متعددة داخل اللغة الواحدة وعلى المتكلم حين يقوم بعملية التواصل أن يختار من الألفاظ ما يلائم سياق الحال من ناحية، والعلاقة بينه وبين المخاطب من ناحية أخرى. ومن وظائف المعجم أن يحدد مستوى اللفظ، ودرجته في الاستعمال ضمن إطار معين يصف التنوع اللغوي ويحدد مستواه، والسياق الذي يؤثر فيه.[13]

4-            تعليم المعاجم

        دعا مجموعة من المتخصصين إلى معرفة المعجمية، وفي إطار هذا التصور الحديث أضحى المعجم يركز الاكتساب اللغوي الذي ينتظم حوله كل المكونات اللسانيات الأخرى، من نحو وصرف وصوتيات، المعجم هي أساس الإخبار والمعرفة ويساهم في تمكين الطلبة من ولوج عالم الإبلاغ والتواصل بسرعة ما دام تعليم اللغة العربية.

        إن دارس اللغة بحاجة ماسة إلى استخدام المعجم اللغوي ذلك لأن قدرته على استيعاب المفردات محدودة بمجال ثقافته، إذ قد تعرض للدارس بعض النصوص التي بها بعض الكلمات التي لا تكون قد دخلت في مجال معرفته من قبل. من هنا يأتي الإحساس بالحاجة إلى المعجم كي يستمد منه بغيته وعن طريقة يستطيع أن يصل إلى مراده.[14]

        تنقسم المعاجم إلى نوعين: معاجم الألفاظ، وهي تناول الألفاظ اللغة كلها بلا تمييز، ومعاجم المعاني وهي ما جمع الألفاظ المتصلة بموضوع واحد فقط/ كموضوع المطر والجياد، أو شواذ اللغة، أو ما إلى ذلك.

  1. معاجم الألفاظ

        تفيدنا معاجم الألفاظ في الكشف عن معنى لفظة نجهل تفسيرها أو نريد معرفة معناها بدقة لنتعرف إلى استعمالها.[15] وقد سلك أصحاب المعاجم طرقاً مختلفة في ترتيبها وتبويبها، يهمنا منها ثلاث طرائق:

1)   ترتيب الألفاظ بحسب الحروف الحلقية ومقلوبات الكلمة

أول من ألف هذه الطريقة هو الإمام الخليل بن أحمد الفراهيدي، في كتابه العين. رتب الخليل الحروف الحلقية بدءاً بالأبعد في الحلق ومنتهياً بما يخرج من الشفتين وكان ترتيبهما هكذ: ع ح ه خ غ ق ك ج ش ض ص س ز ط ت د ظ ذ ث ر ل ن ف ب م و ي أ.[16]

ومن المؤلفات المرتبة على الحروف الحلقية : البارع في اللغة لأبي علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي (ت. 356ه)، وتهذيب اللغة للإمام أبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت. 370ه)، وغيرها.

2)   ترتيب الكلمات بحسب الأوائل

وتقوم هذه الطريقة على ترتيب أصول الكلمات ترتيباً هجائياً مع مراعاة أوائلها، من جهة، وما بعد هذه الأوائل من جهة أخرى. وعلى ذلك فإن (سحر) تذكر قبل (سرح) في باب السين، لأن الحاء قبل الراء. و (عبث) قبل (عبد) في باب العين، لأن الثاء قبل الدال.[17]

وأشهر المعاجم التي تسير على هذه الطريقة : أساس البلاغة للزمخشري، والمصباح المنير للفيومي (من المعاجم القديمة)، واقرب الموارد، ومتن اللغة، والمنجد والمعجم الوسيط (من المعاجم الحديثة).

والطريقة العامة في استخراج الكلمة في هذا النوع من المعاجم: أن نجردها إن كانت مزيدة (استغفر : غفر)، ونفك التضعيف (شد : شدد)، ونرد حرف العلة إلى أصله (قال: قول، باع : بيع)، ونرد إلى الكلمة ما حذف منها (ثقة: وثق، أب : أبو)، ثم نستخرجها في باب الحرف الأول منها.[18]

3)   طريقة الباب والفصل

يعني هنا ترتيب الكلمات في المعاجم على حسب الترتيب الهجائي لأصولها. مع مراعاة أواخر الكلمة. وهذا النوع من المعاجم مقسم إلى أبواب رئيسية بعدد الحروف الهجائية (28 باباً)، مثل:

–       باب الهمزة، ونجد فيه المراد: بدأ، خبأ، ربأ، صبأ، عبئاً.

–       باب الباء، وفيه : حسب، سحب، شرب، ضرب، طرب، عرب، وهكذا إلى باب الياء.

وفي كل باب من هذه الأبواب الثمانية والعشرين رتبت الأصول ترتيباً هجائياً دقيقاً فيما بينها بحسب الحرف الأول فما بعده، لتيسير العثور عليها، بحيث يشتمل كل باب على 28 فصلاً بعدد حروف الهجاء أيضاً.

والطريقة العامة في استخراج الكلمة هنا هي نفسها التي ذكرناها في الطريقة الأولى، أي تجريد الكلمة من الزوائد، وفك التضعيف، ورد حرف العلة إلى أصله، ورد ما حذف من الكلمة إليها.

والمعاجم التي تسير هذه الطريقة كلها قديمة، مثل: الصحاح للجوهري (393 ه)، ولسان العرب لابن منظور (711ه)، والقاموس المحيط للفيروز أبادي (817ه)، وتاج العروس في شرح القاموس للزبيدي (1205ه:1797م).

4)   طريقة إهمال الوصول

ظهرت في السنوات الأخيرة معاجم عربية رتبت كلماتها على حسب نطقها، أي دون تجريدها والعودة إلى أصولها. ومن أمثلة ذلك أن كلمة (مراسلة) تذكر في حرف الميم، و (استرسال) في حرف الهمزة، و (رسول) في حرف الراء، مع أن هذه الكلمات الثلاث (مراسلة، استرسال، رسول) تعود إلى أصل ثلاثي واحد (ر س ل).

وعلى هذا نستخرج الكلمة في باب الحرف الذي تبدأ به مباشرة، أصيلاً كان أم زائداً.[19]

وكان الدافع إلى تأليف هذه المعاجم أن تسهل على الباحث العثور على الكلمة المطلوبة من غير أن يسجم نفسه العودة إلى أصلها المجرد.إلا أن هذه البدعة اللغوية لم تلق ترحيباً لدى الأدباء وذوي الاختصاص، لأنها تمزق شمل العربية التي تنتمي إلى أصل واحد، وتبعثرها أشلاء متفرقة لا نسب بينها ولا رابط، وبذلك تفقد اللغة العربية ميزة من أهم مميزاتها وهي الاشتقاق، وهذه الطريقة إن صحت في معاجم اللغة الأجنبية.

  1. معاجم المعاني

هذا النوع من المعاجم يفيد المترجمين، والكتاب، والشعراء، لأنه يمدهم بالألفاظ المناسبة لمعنى من المعاني يجول في خواطرهم، ولكنهم يقفون حائرين لا يدورون كيف يعبرون عنه بدقة، ولا يجدون لديهم ما يقابله من الألفاظ.

فمعاجم المعاني ترمي إذن إلى بيان المفردات الموضوعة لمختلف المعاني فترتب المعاني بطريقة خاصة، وتذكر الألفاظ التي تقال للتعبير عن كل معنى منها. فهي لا تقوم على الألفاظ، وإنما تسعى إلى تصنيف مفردات اللغة في مجموعات أو رمز من أبواب، على حسب معانيها المتشابهة ومدلولاتها المتقاربة.

وكل من مارس الكتابة، أو الشعر، أو الخطابة، أو البحث العلمي، يقدر هذه المعاجم حق قدرها، وكذلك المترجمون: فما أكثر ما يصطدمون في الآثار التي يترجمونها أول وهلة إيجاد ما يقابلها، ولكن معاجم المعاني لا تلبث عندما يعودون إليها أن تذلل هذه العقبات، وتدلهم على اللفظ المنشود.[20]

وهكذا تنوعت المعجمات الحديثة تنوعاً كبيراً، وأكثر هذه المعجمات ذات صلة وثيقة بالترجمة والتثقيف وتعليم اللغات. إن معجمات الألفاظ الأساسية أداة من أدوات المقرر الأساسي في تعليم اللغات. والمعاجم التخصصية وقوائم الألفاظ تلبي حاجة المقررات المختلفة بعد ذلك، والمعاجم السياقية أساس كل عمل معجمي يحاول أن يقدم مع الكلمة دلالتها بدقة ومواضع استخدامها، وهي أيضاً ذات فائدة كبيرة في الإرشاد إلى الاستخدام الصحيح للكلمة وتحقق بهذا هدفاً تعليمياً.[21]

معجمات المترادفات ذات هدف عملي أيضاً، فهي تساعد متعلم اللغة من غير الناطقين بها على تبين الفروق بين المفردات، فتمكنه من الاستخدام الدقيق لكل كلمة منها. والمعجمات المصورة وسيلة للتعرف على التسمية المقبولة للأشياء المادية من جانب، ولمعرفة دلالة كلمات كثيرة خاصة بأشياء مادية.

إن من طبيعة المعنى المعجمي أن يكون متعدداً ومحتملاً، وهاتان الصفتان من صفاته تقود كل منهما إلى الأخرى. وإن تعدد معنى الكلمة في المعجم يرجع إلى صلاحيتها للدخول في أكثر من سياق وثبوت ذلك لها يسبق استعمالها في نصوص عربية قديمة وحديثة. وإذا أردنا أن نضرب مثلا لتعدد معنى الكلمة المفردة واحتمالها هناك مثال ترصد تعدد المعنى فيه.[22]

        فأما كلمة صاحب فيتعدد معناها على النحو التالي:

1)   لقب ( أي ذو) نحو    صاحب الجلالة

2)   مالك                   صاحب البيت

3)   صديق                  صاحبي

4)   رفيق                    صاحب رسول الله

 

تعليم المعاجم أو المفردات

وأول ما يجب على المدرس ألا يلجأ إلى لغة وسيطة أو بمعنى آخر إلى الترجمة، بل عليه أن ينطلق من بعض الأسس التربوية التي نوجزها في النقاط التالية:[23]

1)   إذا كان الطلاب في المستوى الأولى، على المدرس أن يقتصد في المفردات التي يستعملها، وأن يقلل من كلامه قدر المستطاع، وأن يستعمل في المفردات التي يفهمون منها شيئاً.

2)   على المدرس أن يترجم المعنى بالحركة، وأن يستعمل الحوار قائماً لأن هذا يثير الاهتمام.

3)    أن يعرض المدرس المفردات طريق الجديدة عن طريق الحركة أو الصورة أو رسم على السبورة. لأن الكلمة المعزولة أحيانا لا معنى لها، فعليه أن يضعها في سياق، على المدرس أن يلاحظ النطق.

4)   على المدرس أن يقدم للطلاب الأضداد مثل أبيض: أسود، طويل: قصير، بعيد: قريب.

5)   وفي المستوى المتوسط يجب أن يتعلم الطلاب جميع الصيغ والتراكيب الخاصة باللغة التي تسمح لهم شيئاً فشيئاً.

6)   وبالنسبة للمستويات المتقدمة يحسن أن يتطلع الطلاب على نصوص مأخو   ذة من بعض كتاب العرب المعاصرين.

7)   وفي مرحلة لاحقة يمكن أن يقوم المدرس بشرح للنص على الطريقة التقليدية أي بتقديم المشتقات والمترادفات والمتجانسات.

8)   أما في المستويات الرفيعة أو العليا، يمكن تدريس تكوين الكلمات عن طريق التحليل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملخص نتائج الدراسة

1)   المعجم هو كتاب يضم بين دفيته مفردات لغة ما ومعانيها واستعمالاتها في التراكيب المختلفة، وكيفية نطقها، وكتابتها، مع ترتيب هذه المفردات بصورة من صور الترتيب التي غالباً ما تكون الترتيب الهجائي. ومن استعمالات العصر الحديث إطلاق اسم (القاموس) على أي معجم سواء كان باللغة العربية، أو بأي لغة أجنبية، أو مزدوج اللغة.

2)   انبثقت فكرة المعجم الشامل في أذهان اللغويين العرب منذ وقت مبكر لا يتجاوز منتصف القرن الثاني الهجري حينما ألف الخليل بن أحمد (100-175ه) معجمه الشهر (العين) بطريقة إحصائية قامت على جملة من الأسس منها، حجم الكلمة والترتيب الصوتي وغيرها. ثم تتابعت المعاجم في القرون الثلاثة التالية، فرتبت إما بحسب الألفاظ، أو بحسب المعاني، ورتبت معاجم الألفاظ إما بحسب الترتيب الصوتي، أو الألفبائي، أو بحسب الأبنية (الأوزان)، ورتبت المعاجم الألفبائية إما بحسب الأوائل، أو الأواخر.

3)   إن دارس اللغة بحاجة ماسة إلى استخدام المعجم اللغوي ذلك لأن قدرته على استيعاب المفردات محدودة بمجال ثقافته، إذ قد تعرض للدارس بعض النصوص التي بها بعض الكلمات التي لا تكون قد دخلت في مجال معرفته من قبل. من هنا يأتي الإحساس بالحاجة إلى المعجم كي يستمد منه بغيته وعن طريقة يستطيع أن يصل إلى مراده.

 

المراجع

أحمد مختار عمر. صناعة المعجم الحديث. (عالم الكتب – القاهرة، 1418ه – 1998م).

_________. البحث اللغوي عند العرب مع دراسة لقضية التأثير والتأثر،
(عالم الكتب – القاهرة، 2003م).

أحمد بن عبد الله الباتلي. معاجم اللغوية وطرق ترتيبها. (دار الراية- الرياض، 1412ه).

إبراهيم بن مراد. دراسات في المعجم العربي. (دار الغرب الإسلامي – بيروت، 1987)

تمام حسان. اللغة العربية معناها ومبناها. (دار الثقافة – المغرب)

حمادة إبراهيم. الاتجاهات المعاصرة في تدريس اللغة العربية واللغات الحية الأخرى لغير الناطقين بها. (دار الفكر العربي: القاهرة، 1987م)

ديزريه سقال. نشأة المعاجم العربية وتطورها (معاجم المعاني- معاجم الألفاظ). (دار الصداقة العربية – بيروت، 1995م)

عبد الحميد محمد أبو سكين. المعاجم العربية مدارسها ومناهجها. (جامعة الأزهر، 1402ه-1981م).

فوزي يوسف الهابط. المعاجم العربية موضوعات وألفاظاً. (الولاء، 1413ه- 1992م). 

محمد الانطاكي ومحمود فاخوري. دروس في اللغة العربية، (دار الشرق العربي – بيروت).

محمود فهمي حجازي، البحث اللغوي، (مكتبة غريب).      



[1] إبراهيم بن مراد، دراسات في المعجم العربي، (دار الغرب الإسلامي – بيروت، 1987)، ص 13

[2] ديزريه سقال، نشأة المعاجم العربية وتطورها (معاجم المعاني- معاجم الألفاظ)، (دار الصداقة العربية – بيروت، 1995م)، ص 11           

[3] أحمد مختار عمر، صناعة المعجم الحديث،  (عالم الكتب – القاهرة، 1418ه – 1998م)، ص 19

[4] أحمد مختار عمر، صناعة المعجم الحديث، (عالم الكتب – القاهرة، 1418ه – 1998م)، ص .2

[5] أحمد مختار عمر، البحث اللغوي عند العرب مع دراسة لقضية التأثير والتأثر، (عالم الكتب – القاهرة، 2003م)، ص 162

[6] أحمد مختار عمر، البحث اللغوي عند العرب مع دراسة لقضية التأثير والتأثر، (عالم الكتب – القاهرة، 2003م)،

[7] محمود فهمي حجازي، البحث اللغوي، (مكتبة غريب) ص 48

[8]  فوزي يوسف الهابط، المعاجم العربية موضوعات وألفاظاً، (الولاء، 1413ه- 1992م)،  ص 10

[9]  أحمد بن عبد الله الباتلي، معاجم اللغوية وطرق ترتيبها، (الرياض، 1412ه)، ص 13

[10] أحمد مختار عمر، صناعة المعجم الحديث، (عالم الكتب – القاهرة، 1418ه – 1998م، ص 27

[11] أحمد مختار عمر، البحث اللغوي عند العرب مع دراسة لقضية التأثير والتأثر، (عالم الكتب – القاهرة، 2003م)، ص 165

[12] أحمد مختار عمر، صناعة المعجم الحديث، (عالم الكتب – القاهرة، 1418ه – 1998م)،
ص 117

  [13]  أحمد مختار عمر، صناعة المعجم الحديث، (عالم الكتب – القاهرة، 1418ه – 1998م ص 155

[14] عبد الحميد محمد أبو سكين، المعاجم العربية مدارسها ومناهجها، (جامعة الأزهر، 1402ه-1981م)، ص 5

[15] محمد الانطاكي ومحمود فاخوري، دروس في اللغة العربية، (دار الشرق العربي – بيروت)، ص 145

[16]  أحمد بن عبد الله الباتلي، المعاجم اللغوية وطرق ترتيبها، (دار الراية – الرياض، 1412ه)، ص 19

[17] محمد الانطاكي ومحمود فاخوري، دروس في اللغة العربية، (دار الشرق العربي – بيروت)، ص 145

[18] محمد الانطاكي ومحمود فاخوري، دروس في اللغة العربية، (دار الشرق العربي – بيروت)، ص 146

[19]محمد الانطاكي ومحمود فاخوري، دروس في اللغة العربية، (دار الشرق العربي – بيروت)، ص 152

[20] محمد الانطاكي ومحمود فاخوري، دروس في اللغة العربية، (دار الشرق العربي – بيروت)، ص 155

[21] محمود فهمي حجازي، البحث اللغوي، (مكتبة غريب) ص 69

[22] تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، (دار الثقافة – المغرب)، ص 324      

[23] حمادة إبراهيم، الاتجاهات المعاصرة في تدريس اللغة العربية واللغات الحية الأخرى لغير الناطقين بها، (دار الفكر العربي: القاهرة، 1987م)، ص 281

About Moch Wahib Dariyadi

Saya adalah Bloger asal Malang yang menyukai kegiatan yang berhubungan dengan perkembangan IT, Design dan juga Pendidikan. Berupaya untuk selalu menebarkan kebermanfaatan bagi sesama.

Check Also

KAMUS AL-‘AIN (العين)

KAMUS AL-‘AIN (العين) PENDAHULUAN Penyusunan mu’jam (kamus) bahasa Arab yang menghimpun kosakata bahasa Arab dan ...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *